هولندا أرض الطواحين ، كيف جاءت التسمية

تعرف هولندا بين دول العالم ب (أرض الطواحين ) وذلك بسبب كثرة إنتشارالطواحين الهوائيّة على إراضيها حيث تمّ تقدير أعداد تلك الطواحين والتي مازالت موجودةً حتّى الآن في هولندا بما يقارب من (1200) طاحونة هوائيّة ومائيّةًوهي لازالت تعمل حتّى الآن ، حيث يقوم عدد من المتطوّعين بالإشراف عليها وتعريف الزوّار بأقسامها والطريقة التي تعمل بها ولماذا كانت تستخدم في السابق، ويوجد في هولندا يومٌ وطنيّ يتمّ فيه فتح كافّة الطواحين أمام الزوّار لمشاهدتها من الداخل .
تعتبر الطواحين من أوائل الإختراعات البشريّة التي كان الهدف منها الإستفادة من العوامل الطبيعيّة المتوافرة مثل الرياح والماء والإستفادة من الطاقة التي يمكن توليدها ،وكانت هولندا من أوائل الدول التي سارت في هذا الإتّجاه على إعتبارأنّ تلك العوامل الطبيعيّة (جريان المياه والرياح ) تتوافر في هولندا بشكلٍ كبير ،وكانت الطواحين صديقةً للبيئة ،فهي لا تحتاج الوقود ولا تترك خلفها آثار ضارّة ،وقد كانت الطواحين تستخدم في الفترة السابقة كمنزل للعائلة ،ومن هنا نلاحظ مدى الإستفادة التي كان الناس يجنونه من تلك الطواحين لذلك فهي كانت تنتشر بشكلٍ كبير في المدن الهولنديّة .

أنواع الطواحين الموجودة في هولندا : كان المزارعون في هولندا يستخدمون الطواحين في العديد من المجالات لذلك نرى أنّ تلك الطواحين كانت تأخد أشكالاً مختلفةً حسب الإستخدام فهناك مطاحن للدقيق وعصرالزيتون وصناعة الدهانات والورق لذلك ستجد في هولند الطواحين الكبيرة والصغيرة .
وتعتبر مطاحن الدقيق هي الأكثر إنتشاراً ،حيث كان الناس بحاجة الدقيق بشكلٍ دائم لصناعة الخبز ،وقد تمّ إستخدام الطواحين في هولندا لصناعة الطلاء أيضاً ونشر الخشب ورفع الأحمال وصناعة الورق .
كانت الطواحين بشكلٍ عام نوعان يعتمد كلّ نوع على طريقة تشغيل مختلفةٍ فكان هناك الطواحين الهوائيّة التي كانت تعمل بقوّة الرياح ويلاحظ في قسمها العلوي وجود الأشرعة الكبيرة التي كانت تدور مع الرياح وتقوم بتدوير أحجار الطحن التي كانت مرتبطةً بها .

وكانت هناك الطواحين المائيّة والتي تعتمد على جريان الماء في عملها وهي تشبه الناعورة إلى حدٍّ ما حيث يدور (التوربين ) أو العجلة الموجودة في المجرى المائي وتدور معه الأقسام التي تطحن الحبوب وكانتهذه الطواحين تنتشر بشكلٍ أساسي في المناطق التي يوجد فيها مياه جاريّة مثل (نورد برابنت-اوفريسيل -خيلدرلاند) وكذلك العديد من المقاطعات الهولنديّة الأخرى .
متى بدأ إستخدام الطواحين في هولندا : بدأ الناس إستخدام الطواحين في القرن الثالث عشر ،وكان هناك العديد من التعديلات التي تمّ إدخالها على تلك الالآت ليستطيع الإنسان الإستفادة منها بالشكل الأمثل وفي هولندا تمّ تسجيل الطواحين الموجودة في منطقة (Kinderdijk) ضمن قائمة اليونسكو للتراث العالمي وهي عبارةُ عن تسعة عشر طاحونةٍ هوائيّة تقف إلى جانب بعضها البعض وكانت تستخدم في ضخّ المياه إلى خارج المناطق حتّى تمنع إرتفاع منسوب المياه وحدوث الفيضان .

وتعتبر هذه الفكرة (Gemaal) من اهمّ الأفكار التي تمّ تنفيذها بإستخدام الطواحين حيث كان يتمّ ضخّ المياه الجوفيّة من الأراضي والمستنقعات إلى البحر وذلك بهدف الحصول على أراضي جديدة يمكن إستخدامها في إنشاء مباني جديدةٍ أو في الأعمال الزراعيّة حيث سمّيت تلك المناطق (بولدر) وهي معروفةٌ بشكلٍ كبير في هولندا حيث تعتبر مدينة أمستردام من أكثر الأماكن التي تمّ تجفيف مستنقعاتها بتلك الطريقة من أجل الحصول على أراضي جديدة لتوسعة المدينة ،وكذلك مقاطعة فليفولاند .
من خلال وضع الطواحين المائيّة والتوصيل بينها بواسطة الأنابيب قامت الحكومة الهولنديّة بإنشاء شبكةٍ متكاملةٍ لتصريف المياه من داخل الأراضي الهولنديّة إلى البحر وذلك لحلّ المشكلة الكبيرة في هولندا التي هي الزيادة في منسوب المياه وإنخفاض الأراضي الهولنديّة تحت مستوى سطح البحر.
قامت الدولة الهولنديّة بإنشاء شبكةٍ من السدود البحريّة التي تمنع الفيضان وغرق الأراضي بموازاة ضخّ المياه نحو البحر للمحافظة على المدن الهولنديّة المهدّدة بالغرق .

إنّ طواحين الهواء الموجودة في هولندا تعتبر من الأرث الثقافي للبلاد لذلك تحاول الحكومة بشكلٍ دائمٍ تجديد تلك الطواحين بما يتناسب مع المحافظة على شكلها الجمالي وفي هولندا يحتفل الناس بيومٍ يدعى (يوم الطواحين) يتمّ خلاله فتح أبوابها أمام تلاميذ المدارس وكذلك المهتمّين بها للتجوّل فيها ،ومعرفة كيفية عمل تلك الألة التي كان لها دورٌ كبير في هولندا من خلال مساهمتها في الصناعات والطحن، ودورها الرائد في حلّ مشكلة هولندا الأزليّة وهي المياه الجوفيّة، وإنخفاض معظم أراضي المملكة الهولنديّة تحت سطح البحر ،وذلك من خلال ضخّ المياه عبر تلك العنفات إلى أنابيب الجرّ وإعادتها إلى البحر ،مما ساهم بزيادة الأراضي الزراعيّة في هولندا وكذلك في نشوء مدنٍ كاملةٍ كانت بالأساس عبارةً عن مستنقعات تجلب المرض للسكّان المحلّيين .
عندما يرفع الهولنديّون الطواحين شعاراً لبلادهم فهو إعترافٌ بالجميل الذي قدّمته تلك الطواحين للبلاد ودورها في نشوء المملكة الهولنديّة في شكلها الحالي .

هولندا اليوم

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
%d